سمي بالموت
الاسود لان من ابرز اعراضه اصطباغ المنطقة المصابة باللون الداكن،
بالاضافة الى كونه من اكثر الامراض التي حصدت الملايين من ارواح الناس على
مدى عصور، فقد عرف الطاعون بقدمه كوباء واستمراره بالظهور من حين لاخر
الا انه مع التطور العلمي
والبشري انقرض واختفى لاسيما بعد ان اكتشف الميكروب المسبب له العام 1894
في الوباء الذي اكتسح الصين من قبل العالمين يرسن وشيبا ساجور وكيتا ستو
في هونغ كونغ كل منهما على حدة وفي العام 1898 قام العالم الفرنسي بول
لويس سيمون بتجارب واثبت ان ناقل الميكروب برغوث الفئران وعادة مايعيش
الميكروب على الحيوانات القارضة فاذا ماابتدأ الوباء انتقل بواسطة
البراغيث والحشرات الى الفئران المنزلية ومنها الى الانسان وغالباً مايحدث
الطاعون في مواضع اللحوم الرخوة والابط وخلف ارنبة الاذن.
الدكتور عبدالستار عباس متخصص امراض باطنية يقول:-
الطاعون مرض بكتيري معدي حاد وهو
من الامراض المشتركة بين الانسان والحيوان ويصنف كاحد الامراض المجهرية
الخطيرة التي تسبب اوبئة في حالة عدم السيطرة عليها والميكروب المسبب لذلك
المرض هو بكتيريا اليرسيسية الطاعونية وتترواح فترة الحضانة بين 15-67
يوماً في الطاعون الدملي والتسممي ومابين 2 الى 4 ايام في الطاعون الرئوي
اذ ان مرض الطاعون ينقسم الى ثلاثة انواع وتختلف طرق انتقالها وانتشارها
من نوع الى آخر فالطاعون الدملي هو اكثر الانواع حدوثاً وعادة مايسري
المرض بين القوارض كالفئران او الجرذان التي تعد المستودع الطبيعي لهذا
المرض حيث ينتقل فيما بينها بواسطة البراغيث التي تسبب لها الوفاة وعند
حدوث الاوبئة تنتقل تلك البراغيث من اجسام القوارض الميتة وتهاجم جسم
الانسان لتتغذى على دمه وتصبح معدية لعدة اشهر لاحقة، اما النوع الثاني من
الطاعون فهو الطاعون الرئوي والذي يعد الاكثر خطورة لسهولة انتقاله
وانتشاره بين المخالطين للمريض خاصة في الظروف المناخية والبيئية غير
الصحية وعادة ما ينتقل عن طريق فضلات الشخص المريض الى الشخص السليم في
حين ان النوع الثالث (التسممي) فهو يشبه الطاعون الدملي في طرق انتقاله
حيث ينتقل المرض بواسطة البراغيث من القوارض الى الانسان.
(قاتل الملايين)
ويشير الى ان الطاعون مرض معد
قديم تسبب في كثير من الاوبئة التي حصدت الملايين في العصور القديمة
والوسطى وكان يسمى بالموت الاسود نظراً لانتشار بقع نزفية تحت جلد المصاب
وتلك اهم اعراض المرض، والبكتريا المسببة له وهي (البرنسيسية) عادة
ماتحتفظ بها القوارض مثل الفئران وتتكاثر بداخلها وتنمو وتنتقل عدواها الى
الانسان عن طريق البراغيث التي تلدغ الفأر المعدي ثم تلدغ الانسان او
نتيجة عض الفئران المعدية للانسان بشكل مباشر او من انسان الى انسان آخر
بشكل مباشر ايضاً عن طريق الرذاذ السعال والعطس في حالة الطاعون الرئوي
ويتكاثر الميكروب في معدة البرغوث حتى يسدها فيزداد احساس البرغوث بالجوع
ويزداد عندئذ نهمه في قرصة او عضة فيمص الدم فتدخل محل الوخزة او القرصة
وينتقل الميكروب الى غدة الابط اللمفاوية اذا كانت العضة في اليد او
الذراع اما اذا كانت العضة في الوجه او العنق فتنتقل الميكروبات الى غدة
في العنق وعندما يقرص البرغوث المصاب جلد الانسان تنتقل البكتريا الى
انسجة الجسم وتبدأ بالتكاثر داخل الخلية ثم تنتقل الى الجهاز اللمفاوي الى
ان تصل الى عقدة لمفاوية وهناك يحدث التهاب نزفي شديد وتبدأ العقدة
اللمفاوية في التمدد والتورم وتظهر التورمات المميزة للمرض ولان العقد
اللمفاوية ترشح سائلها داخل مجرى الدم فمن هذا الطريق تنتقل البكتريا الى
الدم وتذهب الى اي مكان في الجسم وقد يحدث نزيف في الاماكن التي توجد فيها
البكتريا فيصعد الدم الى طبقة الجلد وتظهر بقع سوداء على الجلد لذلك سمي
بالموت الاسود واحياناً يصيب المرض الرئتين وفي هذه الحالة يصبح ممكناً
انتقاله من انسان الى آخر عن طريق الرذاذ الذي يخرج مع السعال مثل
الانفلونزا .
(سموم خطيرة)
ويؤكد الدكتور عباس على تميز مرض
الطاعون بظهور الاعراض العامة للاصابة بالبكتريا وكذلك اعراض مميزة لكل
نوع من انواعه الثلاثة اما الاعراض العامة فتتمثل في ارتفاع درجة الحرارة
والاعياء الشديد والرجفة والآم العضلات والمفاصل والغثيان والآم الحلق
والبلعوم واضطرابات ذهنية وغيبوبة اما العلامات المميزة لكل نوع منها فهي
في الطاعون الدملي حيث يصاب المريض بالتهابات حادة وتورم مؤلم في الغدد
اللمفاوية القريبة من مكان لدغ البرغوث ويتضخم الطحال كذلك واحيانا تحدث
آلام شديدة او تقرحات، وفي هذه الاثناء تفرز بكتريا الطاعون سموماً خطيرة
تسبب مضاعفات قد تنتهي بالموت وذلك النوع يمكن علاجه اذا تم اكتشافه في
مرحلة مبكرة ويوجد له تطعيم ولقاح واقٍ اما الطاعون الرئوي فيتميز بسعال
وبلغم غزير بالاضافة الى الاعراض العامة للمرض وهذا اشد فتكاً لانه داخلي
يصيب الرئتين والقلب مباشرة ولايكاد ينجو منه احد وكذلك من بين اعراضه
القيء او السعال المصحوب بدم وضيق التنفس والاحساس بالضعف والهزال في حين
ان الطاعون التسممي الذي يحدث في اغلب الاحيان كمضاعفات مرضية للنوعين
السابقين، يتميز بارتفاع شديد في درجة الحرارة بالاضافة الى الاعراض
العامة للمرض حيث تسبب العدوى البكتيرية تلوثاً في الدم وتبدأ السموم
الداخلية للبكتريا بالانتشار في الدم محدثة حالة متناقضة من التجلطات داخل
الاوعية الدموية كذلك نزيف dic الذي قد يظهر على شكل بقع نزفية غامقة تحت
الجلد او من اماكن مختلفة من الجسم داخلياً وخارجياً وسعال او تقيؤ مصحوب
بدم مع حدوث اعراض التسمم.
انيميا خبيثة
* ويوضح الاجراءات الوقائية من المرض واهم طرق وسبل العلاج منه مختتما بقوله:
تمت معالجة الطاعون حاليا
بالمضادات الحيوية وتوجد فرص جديدة للنجاح في حالة الكشف المبكر عن المرض
اذ تستخدم على سبيل المثال مركبات ستربتوميسين وكلور امفنيكول اضافة
لتشكيلات مكونة من تتراسيكلن وسولفوناميد ويعطي السترستوميس عن طريق
العضلات فقط بينما يشكل الكلورامفنيكول علاجا مؤثرا رغم عوارضه الجانبية
التي تظهر مع الاستعمال لفترات طويلة وتتمثل اساسا في تاثيره على نخاع
العظم حيث يؤدي الى حدوث انيميا خبيثة التي تجعل منه علاجا للحالات
المستعصية فقط. وكأجرات وقائية عامة تتم مكافحة القوارض والبراغيث من قبل
الهيئات الصحية المسؤولة للوقاية من انتشار المرض اما الاجراءات الوقائية
تجاه المريض فيتم فيها حصر وفحص جميع المخاطين المباشرين وغير المباشرين
للمريض وفحص عينات الدم وكذلك يتم تحصينهم بالقاح الواقي.
في حالات الطاعون الرئوي يتم عزل
جميع المخالطين اجباريا لمدة عشرة ايام اما في حالات الطاعون الدملي
والتسممي فتتم مراقبة المخالطين لمدة عشرة ايام ترقبا لظهور اية حالات
مرضية جديدة فيما بينهم ومن طرق الوقاية والمكافحة تعريض المفروشات لحرارة
الشمس والتخلص من البراغيث بالنظافة وغالبا ما ينصح الاطباء المرضى بتقليل
الغذاء لان المريض بالطاعون يشكو كثرة الاسهال، ويجب عند وقوع الطاعون
السكون لتسكين هيجان الاخلاط وعادة ما يتم تشخيص المرض عن طريق تحليل pcr
من اجل اكتشاف الحامض النووي للبكتريا المسببه للطاعون كما يمكن فحص
البكتريا وعزلها وصياغتها بصيغة (رايت جيمسا) ورؤيتها تحت الميكروسوب.