أهانوها وأهانوا شعبها... أرادوا لشعبها أن يمشي مطأطأ رأسه بعد أن
أوهموه أنه لا أمل في التغيير...تحولوا إلى علماء جينات بين ليلة وضحاها
معلنين أن شعب مصر (هو كده) خلقه الله ليكون سلبيا..صممت جيناته ليعيش
ذليلا ويموت ذليلا.
قالوا عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن مصر
"خير أجناد الأرض" أنه حديث موضوع وغير صحيح ليقتلوا أي بارقة أمل فى قلب
أي مصري ظن أنه يستحق حياة حرة كريمة ...بينما جعلوا القولة المسيئة
المنسوبة زورا للصحابي الجليل عمرو بن العاص صحيحة لا جدال فيها ومؤكد
سندها حين قالوا على لسانه: "شعب مصر شعب يجمعه الطبل وتفرقه العصي ورجاله مع من
غلب".ما يحزنني فعلا هو أنني رأيت فى بعض مقالات كتاب مصر من يميل
لترويج هذه النظرية اللقيطة فى فهم طبيعة شعب مصر. وكأن الله خلق الناس
كلهم من طينة ثم خلق الشعب المصري من طينة أخري .والذي أتيحت له فرصة السفر
ورؤية بقية شعوب العالم يعلم أن أي شعب فى العالم يتجمع حول أي إنسان يجلس
بطبلة أو آلة موسيقية فى ميدان ليستمعوا له والطبيعي أنه إذا جاء شخص
مجنون مهاجما و ضاربا بعصاه يمينا ويسارا فى هذا الجمع فالمنطق يقول أن
الجمع سيفترق ليتقى شر ذلك المجنون حتى تأتي الشرطة وتمسك به....إذا فأي
شعب فى الدنيا يمكن أن يجمعه طبل وتفرقه عصا وليس ذلك حكرا على شعب مصر.شعب
مصر هو خير أجناد الأرض رغم أنف الجميع سواء كان ذلك حديثا شريفا صحيحا أم
مجرد مقولة لأحد الحكماء...فليس هناك شعب على وجه الأرض ظل يحارب ويدافع
عن أرضه منذ 7000 سنة حتى الآن إلا شعب مصر...ليس هناك شعب فى تاريخ
البشرية خاض حروبا مثلما خاضها شعب مصر فلقد حارب المصريون جميع أجناس
وحضارات الأرض...كلهم جاءوا طامعين فى مصر وخيراتها على مدى آلاف السنين
فوقف لهم خير أجناد الأرض وكتب التاريخ المحايد صفحات مجد تصف حقيقة وطبيعة
شعب مصر.من كسر كبرياء الصليبين وعنجهيتهم غير شعب مصر؟...من أسر
ملوك أوروبا غير شعب مصر؟...من أنقذ التاريخ الإنساني والحضارة الإنسانية
كلها من الفناء على يد همجية المغول غير شعب مصر؟...من حفظ ديانته المسيحية
رغم القهر الدموي الروماني وفضل أن تأكل الأسود لحمه على أن يجبر على
تغيير دينه أو مذهبه غير شعب مصر؟...من حفظ الإسلام حين سقطت خلافته و
تآكلت أطراف دولته شرقا من المغول وغربا من الصليبين غير شعب مصر؟ ومن حرر المسجد الأقصى غير جيش صلاح الدين
الذي انطلق من مصر...ومن الشعب الوحيد الذي استعاد أرضه من احتلال إسرائيل
غير شعب مصر؟نعم أنا مصري وأفخر أنني مصري..فمازال علماء العالم رغم
التقدم العلمي الرهيب لا يعرفون كيف بنى أجدادي الفراعنة الأهرام...ولا
يعرف العالم المادي كيف انتصرت إرادة أجدادي المؤمنين ولم تهن إرادتهم ولم
يغيروا مذهبهم بينما تأكل أجسادهم أسود الرومان الجائعة أحياء..ولا يعرفون
كيف حقق أجدادي مبدأ "التعايش" قبل أن تعرفه الشعوب المتحضرة بمئات السنين
حين عاش شعب مصر فى سلام اجتماعي بعد الفتح الإسلامي فى تعدد للأديان
والثقافات فى تقدم اجتماعي مذهل فى وقت كان شعار أوروبا هو"الشعوب على دين
ملوكهم"....ولا يعرفون كيف حطم مجموعة من أجدادي الفلاحين المؤمنين الحفاة
الفقراء جيشا أوروبيا عصريا وأسروا ملك فرنسا المتغطرسة...ولا يعرفون كيف
عبر آبائي خط بارليف الذي أجمع علماء الحرب أنه خط لا يقهر..فكيف يجرؤ أي
إنسان أن يتهم شعبا له ذلك التاريخ بأنه لا وزن له.ليست هذه دعوة
عنصرية..فلا فضل لمصري على أي إنسان إلا بعمله وفكره وتقواه...ولكن عدم
التفاخر العنصري لا يعنى أن نستسلم لهذه الأفكار التى يراد لها أن تنتشر
لتهزم نفسية شعب عظيم هو بحق قلب أفريقيا وقلب العروبة وقلب الإسلام بل لن
أكون مبالغا إذا قلت بل و قلب العالم أيضا...وإذا لم تصدقني فأسألك أن
تعطيني اسم زعيم عالمي أو دولة كبرى أمكنها تاريخيا أو يمكنها حاليا تجاهل
دور مصر ومكانتها فى أى قضية عالمية.الأيام دول..وربما كانت مصر
الآن مثل عملاق كبير تم تخديره ليغيب فى ثبات عميق...وربما أصاب شعبها بعض
الأمراض الاجتماعية المزمنة فتباطأت حركته وتراخت عضلاته...إلا أن دوام
الحال من المحال...والتاريخ يشهد أن المحن لا تزيد ذلك الشعب إلا صلابة
وقوة...والشواهد كلها تؤكد أن ذلك العملاق وإن سكنت أطرافه وأسكت لسانه
فمازال قلبه شابا نابضا وصارخا بدوي صمت جوارحه...فالتاريخ لا يكذب ولقد
عودنا هذا العملاق أنه ربما يكون له صبر أيوب على الإهانة إلا انه إذا
قام...قامت قيامة جلاديه.